قال المحامي داود درعاوي وهو قاضٍ سابق إن التوقيف على ذمة المحافظ غير قانوني كما تبين من عدد من القرارات التي أصدرتها محكمة العدل العليا، وبالتالي هو جريمة احتجاز يعاقب عليها القانون، ويمكن لمن يتعرض لها تقديم دعاوى حقوقية إلى المحاكم المختصة للمطالبة بالتعويض.
وجاءت أقواله خلال برنامج "المنتدى القضائي" الذي تعده الهيئة الاهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال) ويقدمه الإعلامي المختص بالشأن القضائي ماجد العاروري على أثير 24FM، حيث خالف ما أشار إليه حقوقي فلسطيني يعمل في أحد المؤسسات الحقوقية قال في تقرير تم بثه خلال البرنامج أن مؤسسته ترى أن التوقيف على ذمة المحافظ يستند إلى قانون منع الجرائم الأردني الساري في فلسطين حيث سنّ على صلاحية المحافظ في حالات استثنائية تتعلق بالسلم الأهلي ولمدة لا تزيد عن ستة شهور وليس ببعيد عن القضاء.
وحول التوقيف كما ورد في قانون الإجراءات الجزائية قال درعاوي إن القانون نظم مسألة التوقيف الاحتياطي ولكن فيما يتعلق بالإجراءات فهي تخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، فالقاضي هو صاحب الصلاحية ولا رقابة عليه في ذلك. القاضي ليس مجبراً أن يجيب طلب النيابة بالتوقيف مدة 15 يوماً و له أن يطلب ملف التحقيق. الإشكالية الكبرى التي تحدث بالواقع أن عمليات تمديد التوقيف تتم دون بيّنات، في حين أنه على المحكمة التحقق من ملف التحقيق، خاصة أن النيابة في هذه الحالة تعتبر خصماً.
وأوضح أن القانون وضع عدداً مع المعايير التي يجب تطبيقها لضمان سلامة التوقيف، خاصة أن التوقيف الاحتياطي هو إجراء مؤقت يأتي في سياق الموازنة بين الحق العام وحق المجتمع، وما بين الحق الشخصي للمتهم وافتراض قرينة البراءة، وهنا غلبت مصلحة المجتمع كإجراء مؤقت لضمان سلامة التحقيق وإجراءاته، ولكن القيود التي وضعها قانون الإجراءات الجزائية تتعلق أساساً بالمدد، وهنا الضمانة الوحيدة التي وضعها المشرّع الفلسطيني هي أن لا تتجاوز مدة التوقيف الاحتياطي بكامل مددها مدة العقوبة، حيث يثور الجدل حول ما المقصود بمدة العقوبة، إن كان الحد الأدنى لها أم الأقصى؟
وقال درعاوي إن النقص التشريعي هنا كان عدم تحديد المدد، التشريعات الأخرى حددت مدد التوقيف الاحتياطي. ومع ذلك، كثيراً ما يستخدم التوقيف الاحتياطي كعقوبة وأداة للردع وليس لضمان سلامة التحقيق.
وأشار درعاوي فيما يتعلق بالتوقيف إلى أن استقلال القاضي وكفاءته وشخصه وقدرته على التعامل مع خصوم الدعوى الجزائية على قدم المساواة هو المطلوب منه في حالات تمديد التوقيف، إضافة إلى أن يقف على مسافة واحدة بين الاتهام والدفاع. ما يحصل بالواقع أن النيابة لا تكلف نفسها بإرفاق ملف التحقيق.
وأكد أن عدم تقديم بينات من قبل النيابة في التحقيق يعد مساساً بمبدأ المحاكمة العادلة، جراء التوقيف من أخطر الإجراءات التي تلحق بالحرية الشخصية، وبالتالي يجب أن يكون دور للقاضي دور إيجابي لإدارة هذه المسائل، وقد يكون من أسباب ذلك ضعف الوعي أو عدم الكفاءة ومدى استقلال القاضي وشعوره بأنه هو من يدير هذه المسألة، وهو صاحب القرار وعليه أن يتعامل مع النيابة العامة كخصم مقابل للدفاع.
وقال "لو كان لدينا قضاء كافٍ مؤهل تأهيلاً قانونياً، سنجد أن الوضع سيتغير حتماً باتجاه عدم اللجوزء لهذه الصلاحية، إلا إن كان هناك مبرر حقيقي لها، وفي جرائم تستدعي مثل هذا الإجراء الخطير". وأوضح درعاوي أن أي مواطن تم توقيفه تعسفياً أو احتياطياً، وثبتت براءته يستطيع أن يعود على الدولة بالتعويض وهذا من ضمانات المحاكمة العادلة.
أما بالنسبة للتوقيف على ذمة المحافظ فقد بيّن درعاوي أن محكمة العدل العليا وما تواترت عليه أحكامها على أن مواد قانون السلطة القضائية التي حصرت هذه الصلاحيات بالمحاكم النظامية نسخت مواد قانون منع الجرائم الأدرني لسنة 1954 فيما يتعلق بالتوقيف، سيّما أنها تتعارض مع أحكام هذا القانون، وبالتالي أحكام محكمة العدل العليا، وبشأن صلاحيات المحافظ بالتوقيف استقرت على أن هذه الصلاحية لا يوجد لها أي أساس قانوني بعد صدور القانون الأساسي الفلسطيني وقانون السلطة القضائية وقانون الإجراءات الجزائية وبالتالي فإن توقيف أي شخص على ذمة المحافظ هو توقيف تعسفي يجيز للمتهم أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الرابعة اللجوء لمحكمة العدل العليا لطلب الإفراج الفوري عنه وهذا ما استقرت عليه قرارات محكمة العدل العليا. ويمكن لمن تم توقيفه تعسفياً اللجوء للقضاء لطلب التعويض.
وفي نهاية حديثه أكد درعاوي أن التوقيف من أخطر الإجراءات التي قد توجه إلى الحريات الشخصية، وبالتالي يجب إعادة الاعتبار للضوابط التي تحكم هذه المسألة وأن تطبق على الجميع بلا استثناء، لأن حرية المواطن هي أساس السلطة.
يمكنكم الاستماع الى الحلقة عبر الرابط التالي:
http://www.24fm.ps/ar/news/1456325982