اصدر مؤخراً الإئتلاف الاهلي لاصلاح القضاء وحمايته بالشراكه مع برنامج سواسية التابع للامم المتحده تقريراً حول عملية الرقابة على كل من محكمة الجنايات الكبرى ومحاكم البداية في محافظات الضفة الغربية وفي قطاع غزة، الذي نفذته الهيئة الاهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال) مع خلال فريق مؤلف من 11 محامياً قاموا بالرقابة على 12.180 جلسة محاكمة خلال 855 يوم رقابي، اضافة الى مراجعة التقرير استناداً الى المعايير الدولية لمراقبة المحاكمات ومعايير حقوق الانسان من قبل الخبير الدولي ألبرتو باسكيرو الذي فوضه مشروع سواسية بهذه المهمة.
كان للمشروع لجنة مرجعية اطلق عليها اسم اللجنة التوجيهية للإشراف على برنامج الرقابة على المحاكمات ضمت كلا من ( الهيئة الأهلية لإستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال)، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، مركز القدس للمساعدة القانونية، المركز الفلسطيني للتنميه والحريات الاعلامية (مدى)، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان– غزة)، وعقدت هذه اللجنة سلسلة اجتماعات لمتابعة سير عمل مشروع الرقابة على العمل، واقرار خطط العمل المطلوبة لتنفيذ المشروع.
وتمت الرقابة على الجلسات أمام محكمة الجرائم الكبرى في الفترة ما بين 1 نيسان و 19 حزيران 2019 ، عندما صدر المرسوم الرئاسي رقم 14 لسنة 2019 والذي ألغى قانون بمرسوم رقم 9 لسنة 2018 الذي أنشأ محكمة الجنايات الكبرى. راقب الفريق في تلك الفترة 1.348 جلسة امتدت على مدار 83 يوم. كما تمت الرقابة على الجلسات أمام محاكم البداية في الضفة الغربية في الفترة ما بين 19 حزيران 2019 و 15 شباط / 2020. راقب خلالها الفريق 7.846 جلسة على مدى 506 أيام. وتمت الرقابة على الجلسات أمام محاكم البداية في قطاع غزة في الفترة ما بين 1 نيسان 2019 و 15 شباط 2020. راقب خلالها الفريق 2.986 جلسة على مدار 266 يوم.
وأظهرت البيانات التي وردت في التقرير الرقابي (كما ونوعا) بعض الاستنتاجات الأولية حول نظام العدالة الفلسطيني من حيث فعاليته وامتثاله لحقوق الإنسان. كما وعكست البيانات عددًا من التحديات المتعلقة بقدرة المحاكم ( الخاضعة للرقابة) على معالجة القضايا بكفاءة وفي الوقت المناسب.
يبدأ هذا التقرير بإستعراض البيانات الكمية حول عمل المحاكم الخاضعة للرقابة، ويحلل أنواع القضايا التي نظرت فيها فروع محكمة الجنايات الكبرى ومحاكم البداية، كما ويعرج التقرير على عدد المتهمين (حيث فرزت البيانات حسب الجنس) الذين حوكموا في الفترة الرقابية وعدد الأحكام الصادرة ونتائج المحاكمة والأحكام ومدى التشدد في درجة الحكم. في المجمل تعكس البيانات أن الغالبية العظمى من المحاكمات تؤدي إلى الإداناة وأن حكم السجن هو العقوبة الأكثر شيوعًا رغم قصر مدد السجن، كما وإتضح ان محكمة الجنايات الكبرى تميل إلى أن تكون أكثر تساهلاً في الأحكام من محاكم البداية.
وينتقل التقرير لتحليل جهوزية المحاكم من حيث التنظيم والبنية التحتية. مثل قدرة المحاكم على بدء الجلسات في الوقت المحدد وتسلسل القضايا وفقًا لجدول المحكمة. يتضح من التحليل في هذا الفصل الحاجة للعمل على التحسينات في المحاكم، لأن أغلب الجلسات لم تبدأ في الوقت المحدد لها ولم تتبع معظم المحاكم أجندة عمل المحكمة ، مما قد يترك المجال للعشوائية ويضع المحكمة تحت ضغوط لا داعي لها من قبل بعض المحامين. فيما يتعلق بالبنية التحتية والموارد البشرية يظهر التحليل تواجد موظفي الأمن والكتبة والمرشدين في المحاكم، ورغم ذلك ما زالت المحاكم تفتقر إلى العدد الكافي من الموظفين الإداريين ، بحيث يتشكل ضغط على الموارد البشرية المتاحة وتأخير في مجريات المحاكمة عند غياب شخص ما حيث لا يتوفر بدائل لغياب أي من الطواقم الإدارية. المؤشر الأخير الذي تم التركيز عليه في هذا الفصل هو مساحة المحكمة ووضوح الصوتيات: على الرغم من عدم وجود تحديات كبيرة في هذا الشأن إلا انه ضيق مساحة المحكمة وعدم وضوح الصوت قد يبطئ سير عمل المحكمة.
وجري تقييمًا أوليًا لكفاءة المحاكم في معالجة القضايا عبر النظر في عدد من المؤشرات منها:.
- تؤجل الجلسات في أغلب المحاكمات دون أن يؤدي التأجيل إلى أي تقدم في الإجراءات الجنائية، ففي بعض المحاكم تم تأجيل تسع من اصل عشر جلسات محاكمة. تتركز أسباب التأجيل عامة في عدم استدعاء الشهود أو المحامين للمثول أمام المحكمة ، وفشل المحكمة في جلب المتهمين المحتجزين إلى الجلسة. كما نظرت هيئة أستقلال في التدابير التي اتخذتها المحاكم لمعالجة التأجيل والتي إتضح انها لم تكن فعالة بشكل كافٍ في عدد من القضايا.
- تم النظر في طول فترات تأجيل المحاكمة (تباينت بين المحاكم) ولكنها تراوحت في الغالب بين شهر وشهرين. بشكل عام، كانت مدد التأجيل في فروع محكمة الجنايات الكبرى أقصر بكثير من مدة التأجيل في محاكم البداية.
- تفاوت الوقت الذي تخصصه المحاكم للمحاكمات فقد تراوح بين أقل من ساعتين وخمس ساعات يوميًا. غالبا، تخصص فروع محاكم الجنايات الكبرى ساعات أطول يوميا لجلسات المحاكمة مقارنة بمحاكم البداية.
- تختلف محكمة الجنايات الكبرى ومحاكم البداية بشكل جوهري عند النظر في أمد التقاضي والإجراءات الجنائية. في حين فصلت محكمة الجنايات الكبرى في أكثر من 80٪ من القضايا المعروضة عليها في أقل من عام ، حققت محاكم البداية نفس النتيجة في أقل من 50٪ من القضايا. كما ويجدر بالذكر أن محاكم البداية دورت ما نسبته 20 ٪ من القضايا لمدة خمس سنوات أو أكثر.
- تمثلت إحدى الآثار السلبية على الفعالية العامة للمحاكمات الجنائية في الفترة المشمولة بالتقرير في استبدال عدد من القضاة، مما أدى إلى تغييرات في تشكيل عدد كبير من هيئات المحاكمة (أكثر من ثلث القضايا التي تم رصدها) ، مما أدى إلى لتأخير في التقاضي.
وفيما يتعلق بإمتثال المحاكم المراقب عليها للحقوق الأساسية. لم تكن هناك أي انتهاكات واضحة للحق في محكمة منشأة بموجب القانون ، أو الحق في محكمة محايدة ، أو الحق في المساواة (بما في ذلك المساواة بين الجنسين) أمام القانون. كانت مواطن التحدي والإشكالية في الحق في الحرية الشخصية: فقد لوحظ تكرر الاحتجاز السابق للمحاكمة حتى في الجرائم البسيطة مثل السرقة أو محاولة السرقة . كما ولوحظ في بعض القضايا أن الاحتجاز السابق للمحاكمة يتجاوز الحد الأقصى للشروط المنصوص عليها في القانون ؛ كما أشار مراقبو المحكمة إلى أن المحاكم لم تقيم أسباب الاحتجاز بشكل مناسب ، حيث اعتمدت في كثير من الأحيان على توصيات النيابة العامة التي تستند بدورها إلى المعلومات الواردة من الأجهزة الأمنية. كما ونعرب عن تخوفنا بشأن استخدام الإكراه الجسدي في التحقيقات الجنائية وداخل قاعة المحكمة.فقد ادعى عدد من المتهمين أمام المحكمة أنهم تعرضوا للعنف أثناء استجوابهم من قبل الشرطة ، لكن المحاكم لم تدرج هذه الملاحظات في المحضر ولم تخضع المحاكم سوى نسبة قليلة من المتهمون للفحص الطبي للتأكد من تعرضهم للتعنيف. كما سمحت المحاكم لموظفي إنفاذ القانون باستخدام القوة الجسدية ضد المتهمين المحتجزين أثناء تحركم داخل قاعة المحكمة أو خارجها أو تأديبهم بسبب تعطيلهم لإجراءات المحاكمة.
وخلص التقرير بمجموعة من التوصيات أبرزها:
توصيات للهيئة التشريعية:
توصيات لوزارة العدل:
توصيات لمجلس القضاء الأعلى:
توصيات لقضاة محاكم البداية
• التعامل مع التصريح بالتعذيب وسوء المعاملة بمنتهى الجدية. ضمان تسجيل الشكاوى حسب الأصول في محضر المحاكمة، وضرورة قيام المحكمة بإحالة المتهمين بإرتكاب جريمة التعذيب إلى القضاء لمحاسبتهم.