رام الله/ مرام العتيق
تواصلت خطوات تشكيل ائتلاف شعبي لحماية القضاء يوم الخميس الماضي الموافق 8/2/2018 في مدينتي رام الله وغزة حيث عقد اجتماع تشاوري بواسطة الفيديو كونفرنس بهدف تأسيس الائتلاف المذكور بحضور جوالي 60 شخصية قانونية وحقوقية ومجتمعية تمثل مؤسسات عدة ، وذلك بدعوة من الهيئة الاهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال) والهيئة المستقلة لحقوق الانسان .
الحماية الشعبية للقضاء وتشكيل ائتلاف لهذه الغاية كان محور برنامج الإذاعي "المنتدى القضائي" الذي تعده مؤسسة (استقلال) بالشراكة مع اذاعة ٢٤اف ام، وشارك فيها كل من المحامي نزار صاغية المدير التنفيذي للمفكرة القانونية من بيروت عبر السكايب، والدكتور محمود دودين استاذ قانون في جامعة بير زيت والكاتب جهاد حرب عضو مجلس ادارة (استقلال). واداره الاعلامي المختص بالشان القضائي ماجد العاروري.
التجربة اللبنانية سابقة في الرقابة على استقلال القضاء ونزاهته
بدا المحامي صاغية الحديث حول التجربة اللبنانية في تشكيل ائتلاف مدني للرقابة على القضاء ونزاهته بقوله بان الدستور والكلام شي والواقع شي اخر، والواقع يحتاج الى قوة على ارض الواقع وقوى وايرادات. واضاف صاغية ان استقلال القضاء بحاجة الى تطبيق على ارض الواقع وليس بالقول فقط معتبرا ان استقلال القضاء من اصعب النضالات الاجتماعية واكد صاغية ان هناك امرين ضرورين هما الشعور للمجتمع بان القضاء هو شأن عام وان المجتمع مهتم بحمايته واستقلاله .
القوى الإجتماعية جاهزة لحماية القضاء
اضاف صاغية بان هناك امر اخر وهو ان القوى الاجتماعية جاهزة لتحمي السلطة القضائية من السلطات الاخرى وهذا امر ضروري لان السلطات الاخرى حسب قول صاغية لديها موارد مادية وبشربة كبرى.
واكد صاغية ان السلطة التنفيذية هي الاقوى من حيث الموارد من باقي السلطات واعتبر صاغية ان قوة القضاء معنوية بوجود الناس واشار الى ان من هاتين النقطتين نشأ الائتلاف في بيروت وهذا الائتلاف اليوم يضم حوالي ٣٠ هيئة مدنية وجمعية وهذا الائتلاف من اكتر الائتلافات التي تدافع عن حقوق الانسان وحريات. واشار صاغية ان هذا الائتلاف ياخذ مواقف عندما يكون هناك اعتراض او اعتداء على استقلال القضاء.
مقارنات لمبدأ الحماية الشعبية للقضاء.
وبخصوص تكريس الحماية الشعببة للقضاء في فلسطين ومقارنة تطبيقها كما تطبقها الدول الاخرى قال دودين أن أول معايير استقلال القضاء هي استقلال المؤسسات وثانيها الاشخاص وثالثها الادوات. واكد دودين انه لا يمكن الحديث عن استقلال القضاء ما دام القاضي غير مستقل والمؤسسة القضائية هي بنية مستقلة عن السلطة التنفيذية من جهة التعيين والتدخل في اعمال القضاء.
واضاف دودين انه هناك حاجة لاستقلال الموارد المادية للقضاء من حيث الرواتب او المكافآت التي يتلقاها القضاة للضغط عليهم من السلطة التنفيذية للقيام باعمالهم واكد دودين ان اهم استقلال هو استقلال الادوات القانونية التي يمارس من خلالها القاضي عمله دون تدخل من اي جهة اخرى غير القضاء واشار دودين خلال حديثه ان صناعة التشريع هي وسيلة لضمان الاستقلال وان صناعة التشربع تتم من خلال تشاورات في السلطة القضائية .
وقال الشعب يجب ان يسال عن رأيه في النصوص التشريعية المقترحة كما قال دودين من خلال ادوات يتم الوصول بها الى الشعب واضاف دودين ان الشعب يسأل عن مقترحات القوانين التي سيقوم القاضي بتطبيقها مستقبلا واضاف دودين ان القاضي يطبق القانون المتصالح عليه مجتمعيا ووطنيا من خلال ابداء الاراء من الكافة.
اقتراحات شعبية في اقرار مشاريع القوانين
وفي حديثه عن الدول المقارنة اعطى دودين لمحة عن كيفية امتزاج الشعب بالقوانين والحماية الشعبية للقضاء وضرب مثلا المانيا من خلال الاقتراحات الشعبية وقال دودين ان من حق مجموعة من الناس في المانيا ان تتقدم الى البرلمان لاقتراح مشروع قانون ومن حق البرلمان في النظر لهذه الاقتراحات اما النرويج فقال دودين إن من حق الجمهور الجلوس على منصة القضاء وترى ماذا سيحدث من الاعمال اليومية للقضاء باستثناء المداولة لانها سرية ، وهذه امثلة تدلل على ان الحماية الشعببة مقترنة باستقلال القضاء.
الحماية الشعبية للقضاء ليست بديل للرقابة البرلمانية
وفي فلسطين هناك تغييب للمجلس التشريعي وبالتالي مسألة الرقابة فيها وجهات نظر متعددة على حد قول دودين كما اكد من وجهه نظره ان لا مانع لديه من وجود الرقابة والحماية الشعببة دون تعطيل لدور المجلس التشريعي في الرقابة واكد دودين على خشيته من ان تفرض الائتلافات رقابتها بشكل يلغي رقابة المجلس التشريعي وهذا غير جائز وبجب ان يكون دوريهما (التشريعي والرقابة الشعبية) متوازيان في الرقابة دون تغييب واحد عن الاخر، واكد دودين ان الرقابة الشعبية لها دور مزدوج فهي تقوم بدور الرقابة بديلا عن المجلس التشريعي في ظل غيابه ودورها المتاح لها وفق ادواتها المتاحة لها .
واضاف دودين ان القرارات بقوانين التي تصدر ولها علاقة بعمل السلطة القضائية وفي هذا تدخل من السلطة التنفيذية على السلطات الاخرى وقد لا يكون هذا التدخل لاهداف منطقية او لا تراعي المصلحة العامة.
مبررات انشاء ائتلاف اهلي للحماية الشعبية للقضاء
وبخصوص المبررات لوجود الرقابة الشعببة وتشكيل ائتلاف لذلك اكد الاستاذ حرب عضو مجلس ادارة استقلال ان هذه الائتلافات ليست جديدة انما هي مبادرات من مؤسسات المجتمع المدني وتقوم بالرقابة على القضاء سواء بالدراسات التي تنشرها او الاليات التي تعمل بها والتعليق على القرارات القضائية واشار حرب ان مما دعى الى تشكيل هذا الائتلاف هو قدرته على ان يكون متجانس وان يكون لديه القدرة على المبادرة وتجميع القوى والامكانيات الموجودة لدى مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين.
اوضح حرب ان في فلسطين هناك مشكلتين لوجود الائتلافات تتمثل بالضغوطات الخارجية على مدى السنتين الاخرتين وهذا ما تبين في قرارات المحاكم واضاف ان الامر الاخر هو صدور قرارات من المحاكم لصالح اشخاص لهم نفوذ على حساب السلطة التنفيذية مما ارعب المجتمع الفلسطيني وخاصة مؤسسات المجتمع المدني واشار ان السلطة القضائية تسيطر عليها السلطة التنفيذية وهذا ما اكده موضوع استقالة رئيس مجلس القضاء الاعلى حيث قدم استقالته قبل ان يحلف اليمين القانونية.
حماة القضاء من السلطة التنفيذية ومن القضاة انفسهم
وأكد حرب انه يخشى من خضوغ القضاة للرأي العام مما يزيد الخشية لدى مؤسسات المجتمع المدني ومما يزيد الخشية قرار تشكيل محكمة الجنايات الكبرى واضاف حرب ان قرارات محكمة العدا العليا ٩٥بالمئة كانت لصالح السلطة التنفيذية واكد حرب انه يجب حماية القضاء من القضاة انفسهم من حيث تضارب المصالح باعتبار ان هناك قرارات متناقضة لمحكمة العدل العليا فيما يتعلق برواتب لموظفين للتقاعد وكانت منسجمة مع رغبة السلطة التنفيذية .
والامر الاخر الذي اكد عليه حرب هو قرار محكمة الاستئناف والنقض بخصوص الفصل التعسفي واضاف ان هذا الائتلاف جاء لكي تعمل مؤسسات المجتمع المدني معا وليست فرادى واشار حرب انها محاولة جديدة لاستنهاض المجتمع الفلسطيني.
صاغية: اشخاص داخل القضاء يعارضون الائتلافات الأهلية
وفي حديثه عن الادوات وتاثيرها بالقضاء اكد صاغية انه قد تجد اشخاص داخل القضاء هم انفسهم معارضين لهذا الائتلاف لاعتبارهم انفسهم يملكون سلطة داخل القضاء وهذا الائتلاف معارض لهم وبالتالي اشار صاغية ان استقلال القضاء مفهومه اوسع من ان ينحصر في السلطات القضائية فقط واشار انه في بيروت تمت دعوة القضاء للائتلافات للنظر في طبيعة العمل.
المجتمع المدني اللبناني يتقدم بمقترح قانون للسلطة القضائية
وأضاف صاغية ان هذا الائتلاف لا يحل محل اي سلطة انما هو يؤدي دور ضروري جدا لمحاسبة ومراقبة القضاء والدفاع عن استقلاليته وأشار صاغية أن هذه التجارب يجب ان يستفيد منها الجميع وحاليا يقوموا باعداد مشروع قانون جديد للسلطة القضائية وسيكون بادرة لعدد من الدول العربية، وهذا سيشكل مساهمة اجتماعية لدفع الامور للامام وليس للحل محل السلطة التشريعية.
دودين: نقد القرارات القضائية يكون بهدف تحسين جودتها
وقال دودين من وجهه نظره ان التشريعات في دور الحماية الشعبية او الرقابة للقضاء هي بثلاث ادوار اساسية، مرحلة ما قبل تشريع القانون المعني كقانون السلطة القضائية وقانون اصول المحاكمات المدنية والمرحلة الثانية هي التقييم ما بعد اصدار التشريع بمعناه ان القانون حتة بغظ اصداره يكون عرضة امام الجمهور والمؤسسات لابداء ارائهم تجاه هذا القانون، وهناك مرحلة تقييم اعمال القضاء وهذا حق مكفول لكل متخصص في علم القانون وان يكون التعليق على اعمال القضاء بطريقة لائقة حتى لا تضعف الثقة بالقضاء.
وأضاف دودين ان النقد يجب ان يكون نقد بناء وان الناقد يجب ان يتحلى بأخلاقيات العمل المهني لكي نهدف لتحسين جودة العمل القضائي وأشار دودين ان تشكيل المجلس القضائي في الدول المقارنة ليس بالتشكيلة الموجودة في فلسطين.
حرب: تكوينة لجنة اصلاح القضاء غير كافية للاصلاح
الكاتب حرب من جهته امل ان يكون هناك تاثير للجنة التي تم تشكيلها على عمل القضاء وقال حرب ان تكوينة هذه اللجنة لا تكفي لاصلاح القضاء لانها تحوي مجموعة من الاطراف المتناقضة التي تتصارع على الصلاحيات اكثر من وجود فكرة تطوير القضاء ذاته وقال حرب ان اللجنة فشلت في تحقيق الإصلاح بحيث يوجد العديد من الاشكاليات والقرارات خاصة قرارات التعيين.
حرب يشير الى اهتزاز الثقة بالقضاء
كما اوضح حرب ان الجمهور الفلسطيني ثقته مهزوزة بالقضاء وفي استطلاع للراي كان هناك ٤٦ بالمئة غير راضين عن نزاهة واستقلال القضاء وثلث الشعب قالو ان القضاء غير مستقل وبعضهم قال ان الاجهزة الامنية هي المؤثرة على عمل السلطة القضائية وبعضهم قال ان السلطة القضائية مستقلة وبالتالي الائتلاف يحرص وبشكل رئيسي على دعم مسالة الاصلاح الجوهري الجذري للسلطة القضائية وحماية القضاة من اي ضغوطات خارجية قد تمارس عليهم عند النظر في القضايا و اصدار الاحكام في القضايا مشيرا الى حقوق القضاة في ظل غياب المجلس التشريعي.
الإئتلافات الشعبية اعادة تفكير في تقاليد مستقرة
اكد صاغية ان هناك مفهومين يجب الانتباه عليهم، المفهوم الاول هو مفهوم فصل السلطات واكد ان اللجوء للقضاء هو للاشخاص الذين ليس لديهم حكومة او سلطة واضاف ان القانون يستخدم كسلاح للسطلة ضد الناس والمفهوم الثاني هو التقاليد القضائية والتي هي عمليا ابعاد الناس عن التواصل مع القضاء ولها مسميات كموجب التحفظ وبالتالي القضاء ينفصل عن الناس بطريقة لا يمكنهم التواصل معه وبتشكيل هذه الائتلافات في لبنان اردنا خروج القضاء للناس وتواصلهم معه حتى يصبح هناك احتكام للراي العام واضاف صاغية ان الراي العام هو الحامي والحكم.
صاغية ينصح الائتلاف الفلسطيني بأن يكون وسيطاً لا حليفاً لمجلس القضاء
وأشار صاغية ان تشكيل الائتلاف ليس عمل سياسي فقط انما ايضا عمل ثقافي ايضا بمعنى ان يعيد التفكير بامور كانت مستقرة لحد الان وخلق تواصل اكبر بين المجتمع والقضاء وفي نصيحته عن الائتلاف الفلسطيني اكد صاغية ختاما ان اهم شي ان لا يكون الائتلاف كحلف مع مجلس القضاء الاعلى وان يكون له موقف نقدي من القضاة ومجلس القضاء الاعلى وان يكون وسيطا ويخلق الدعم للقضاة وهذا يخلق دينامية بين المجتمع والقضاة.
دودين سموه الائتلاف الشعبي لحماية القضاء
واختتم دودين هذه الحلقة بانه ينصح بتسميته الائتلاف الشعبي لحماية القضاء بهدف كسب القضاة الى جانبه وبالاضافة الى الحرص على عدم ادخال السياسيين في تشكيلة الائتلاف وأضاف الاستاذ حرب انه يامل بالاعلان عن تشكيل هذا الائتلاف للجنة لدراسة هذا النظام بدقة وتحليله لحماية القضاء.
للاستماع للحلقة اضغط على الرابط التالي: https://soundcloud.com/24fmpalestine/12-2a-2
يتم انتاج وبث هذا البرنامج بدعم من برنامج سواسية المشترك بين برنامج الأمم المتحدة الانمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة واليونسيف (تعزيز وصول الشعب الفلسطيني للعدالة والأمن ٢٠١٤-٢٠١٨).