اخـــــــــبار


رؤية شاملة لإصلاح منظومة العدالة وتوحيدها في فلسطين

تاريخ النشر : الأربعاء ١٢ - سبتمبر - ٢٠١٨


رؤية شاملة لإصلاح منظومة العدالة وتوحيدها في فلسطين

مقدمة من

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"

والإئتلاف الأهلي لإستقلال القضاء وحمايته

 

 

 

 

 

 

 

تشرين أول/أكتوبر 2017

 

 

 

 

 

رؤية شاملة لإصلاح منظومة العدالة وتوحيدها في فلسطين

مقدمة من

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"

والإئتلاف الأهلي لإستقلال القضاء وحمايته

 

يلاحظ المتتبع لوضع القضاء الفلسطيني، وجود العديد من الإشكاليات التي تعتري عمل وتشكيل وبنية السلطة القضائية في فلسطين، سواءً على صعيد استقلال القضاء؛ الشخصي والمؤسسي، أو على صعيد علاقة السلطة القضائية مع السلطات والمؤسسات الأخرى، إضافة إلى علاقتها مع الجمهور، والذي كشف استطلاع رأي حديث أجراه الجهاز المركزي للإحصاء عن تراجع كبير في ثقة الجمهور الفلسطيني في القضاء، حيث إن 36% فقط من المواطنين قالوا أنهم يثقون بالقضاء. وهذا الانطباع العام تعمق بشكل أكبر بعد ما نشر حول موضوع الاستقالة المسبقة لرئيس مجلس القضاء الأعلى الأستاذ سامي صرصور، وما نشره بعض القضاة أنفسهم من خلال مقابلات إذاعية وحديثهم حول إشكاليات جوهرية في داخل القضاء.

وبالنظر إلى أهمية الدور الذي يقوم به القضاء في إرساء مبادئ سيادة القانون، وفي حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وحفظ السلم الأهلي في المجتمع، وباعتبار القضاء المستقل والنزيه والمحايد والفاعل ركن أساسي من أركان دولة القانون، وتجاوباً مع مطالب مؤسسات المجتمع المدني لإصلاح القضاء، تم تشكيل اللجنة الرئاسية لتطوير القضاء لإعادة النظر في وضع القضاء الفلسطيني ووضع الأسس والحلول للنهوض به، ورد ثقة الجمهور به. واستكمالاً لمطالب مؤسسات المجتمع المدني في هذا السياق، وأملاً بانجاز اللجنة الرئاسية أعمالها قبل نهاية الفترة المحددة لها، نقدم هذه الرؤية لإصلاح منظومة العدالة ككل.   

اعتمدت هذه الرؤية بدرجة كبيرة على ورقة قدمتها الهيئة المستقلة لحقوق الانسان "ديوان المظالم" إلى لجنة تطوير القضاء تم اعدادها استناداً الى مجموعة الأوراق والأفكار التي قدمتها مؤسسات المجتمع في وقت سابق من أجل إصلاح القضاء وباقي أركان منظومة العدالة، وخضعت هذه الورقة خلال الأيام الأخيرة إلى مراجعات وإضافات وتعديلات كي تصبح بمثابة تصور شامل يعكس وجهة نظر أكبر كم من مؤسات المجتمع المدني المعنية في الشأن القضائي -والمنطوية في إطار الائتلاف الأهلي لاستقلال القضاء وحمايته، إضافة الى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وهي تتضمن مقترحات بنوية فورية لإصلاح القضاء وباقي أركان منظومة العدالة، إضافة إلى مقترحات تتعلق بإصلاحات تشريعية يمكن إحداثها على المستوى الاستراتيجي في حال عودة المجلس التشريعي للعمل، مع إبقاء أي تعديلات تشريعية لا تتم من خلال المجلس التشريعي في أضيق الحدودة وللضرورة، مراعاةً لأحكام المادة 43 من القانون الأساسي المعدل.

إننا في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان الإئتلاف الأهلي لاصلاح القضاء وحمايته والعديد من الشخصيات والمؤسسات القانوية والمهتمين بالشأن القضائي قد توافقنا بدرجة كبيرة على الآليات المقترحة تالياً، باعتبارها رافعة للنهوض بالقضاء الفلسطيني بشقيه النظامي والشرعي وفق التصورات الآتية:

 

أولاً: استقلال القضاء واستقلال القاضي: مظهر الاستقلال

بالرغم من أن القوانين السارية قد جرّمت التدخل في عمل القاضي، وجرّمت عدم تنفيذ قرارات المحاكم، إلا أن جهات عديدة من داخل وخارج السلطة القضائية ما زالت تتدخل بعمل القاضي. كما أن هناك تأخير في تنفيذ بعض قرارات المحاكم الأمر الذي يصطدم بمبادئ سيادة القانون وبهيبة الجهاز القضائي.  

التوصيات:

  1. النص صراحة على حظر التدخل في شؤون القضاء، سواءً من قبل السلطة التنفيذية وأجهزتها، أو من قبل القضاة أنفسهم، وتجريم هذا التدخل بعقوبة جنحوية يضاف إليها جزاء العزل من الوظيفة.
  2. إلزام القاضي بالإفصاح عن التدخلات التي يتعرض لها في معرض قضية محددة، والإبلاغ عن هذه التدخلات بشكل رسمي إلى مجلس القضاء الأعلى.
  3. التأكيد في مدونة سلوك القضاة على حظر تدخل قضاة الدرجة الأعلى بقضاة الدرجة الأدنى خارج إجراءات الاستئناف القانونية.

 

ثانياً: مجلس القضاء الأعلى

هناك إشكاليات واضحة في حوكمة الجهاز القضائي، وأهمها أن القضاء يدير شؤونه بشكل مطلق دون وجود أدوات رقابة ومساءلة كافية، وهذا من شأنه أن يخلق بيئة غير صحية لإدارة الجهاز القضائي. فالتوجه العام في أغلب الدول هو إدخال عناصر غير قضائية إلى حوكمة الجهاز القضائي، وزيادة الشفافية في عمل مرفق القضاء، وإخضاعه للمساءلة المجتمعية مثل باقي مؤسسات الدولة.

 

 

التوصيات:

  1. توسيع عضوية مجلس القضاء الأعلى، ليشمل أعضاءً من قضاة محاكم البداية، وأعضاء ذوي خبرة وكفاءة من خارج القضاء والسلطة التنفيذية، يحدد القانون بشكل واضح معايير اختيارهم، بما يضمن الشفافية والنزاهة. وذلك بالاستناد إلى التجارب الدولية.
  2. إعادة النظر في طريقة تنسيب رئيس المحكمة العليا -رئيس مجلس القضاء الأعلى، باتجاه تبني الانتخاب من الهيئة العامة للمحكمة العليا.
  3. تحديد آلية لمساءلة رئيس مجلس القضاء الأعلى على المستوى القانوني.
  4. نشر جدول أعمال وقرارات مجلس القضاء الأعلى بالوسائل المتاحة، تطبيقاً لمبادئ الشفافية.
  5. وضع ضوابط ومعايير موضوعية وشفافة في تشكيل اللجان والدوائر والوحدات التابعة للمجلس القضائي وتحديد مهامها واختصاصاتها والعلاقة القائمة فيما بينها، وبخاصة، في عملية تعيين القضاة وترقيتهم ومساءلتهم.
  6. وضع شرط لعضوية مجلس القضاء الأعلى يقضي بمنع تولي المنصب لمن يزاول أقرباؤه من الدرجة الأولى مهنة المحاماة النظامية.

 

ثالثاً: حوكمة منظومة العدالة (عدم وضوح طبيعة النيابة، عدم وضوح دور وزارة العدل)

أظهرت التجربة الفلسطينية في مجال قطاع العدالة وجود تداخل وعدم وضوح في المهام والصلاحيات بين أقطاب قطاع العدالة، الأمر الذي فتح المجال لخلافات انعكست سلباً على أداء بعض المؤسسات.

التوصيات:

  1. رسم الحدود الفاصلة بين أركان العدالة الرسميين الرئيسيين، من حيث الاختصاصات والأدوار والمسؤوليات، وبخاصة بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل في موضوع إدارة المحاكم والإشراف عليها إدارياً. تجنباً لصراع الصلاحيات والاختصاصات وغياب المسؤوليات، وتطبيقاً لمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات.
  2. التأكيد على أن النيابة العامة شعبة من شعب السلطة القضائية وتشملها الضمانات المكفولة للقضاة في القانون الأساسي وقانون السلطة القضائية، ويعمل أعضاؤها ضمن القانون والسياسة الجنائية للدولة، وتتولى تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها، ويتمتع النائب العام وكافة أعضاء النيابة العامة بالاستقلال الفني، ويخضعون لإشراف النائب العام مباشرة. 
  3. توضيح دور وزارة العدل في مجال إدارة مرفق العدالة وتقديم الدعم اللوجستي اللازم لقيام المحاكم والقضاة بمهامهم باستقلال، وأيضا الاشراف على بناء المرافق الجديدة والتخطيط لتوسيع المحاكم بالتنسيق مع القضاء والنيابة العامة، وبالتعاون مع وزارة الأشغال، وتحليل البيانات الواردة من مجلس القضاء الأعلى حول سير الدعوى وعدد القضايا وتوزيعها، وتقديم تقرير إلى الحكومة حول سير مرفق العدالة بشكل عام، وضمان استقلال القضاء والنيابة.
  4. وضع آلية لمساءلة النائب العام على المستوى القانوني.

 

رابعاً: التقييم القضائي

معالجة الموضوع البنيوي (البشري) للجهاز القضائي ومعالجة الكفاءات بصورة تؤدي إلى تفعيل ونجاعة العمل والانجاز في الجهاز القضائي، مما يتحتم البدء باعادة النظر بالموارد البشرية الموجودة في الجهاز القضائي.

التوصيات:

  1. إنشاء لجنة وطنية مستقلة مؤقتة للتقييم القضائي، تضم قضاة سابقين، ومحامون قديرون، وأكاديميون، وخبراء في الشأن القضائي، تتولى تقييم كافة القضاة وأعضاء النيابة العامة الحاليون، بناءً على معايير تحددها اللجنة نفسها، والتي ترفع توصياتها بهذا الشأن إلى المجلس التشريعي ورئيس الدولة، وتكون توصياتها ملزمة ونافذة بعد المصادقة عليها (تشمل التوصيات إحالة قضاة وأعضاء نيابة عامة على التقاعد المبكر أو تحويلهم إلى مهام قانونية في وزارات أو جهات رسمية تتناسب مع مؤهلاتهم وخبراتهم العلمية والعملية). تعمل هذه اللجنة لمرة واحدة وينتهي عملها بعد تقديم التوصيات على غرار التجربة الأردنية.
  2. تتخذ الجهات المختصة فوراً القرارات اللازمة لتنفيذ توصيات لجنة التقييم القضائي المؤقتة.

 

خامساً: التفتيش القضائي

تعاني دائرة التفتيش القضائي من إشكاليات جوهرية، أهمها عدم جدية التفتيش من حيث النتائج المترتبة عليه، وأيضا وجود خلط بين التفتيش والتقييم، وعدم خضوع قضاة العليا للتفتيش، وغيرها من الإشكاليات.

التوصيات:

  1. تفعيل دائرة التفتيش القضائي في متابعة تطبيق مدونة السلوك وأي شكايات حولها وتنظيم حالات تضارب المصالح، ودراسة إعادة تشكيلها لتشمل كفاءات من خارج السلك القضائي. مع التزامها بتقديم ونشر تقارير دورية عن عملها، مع تحفظها في التقارير المنشورة على اسم القضاة وبياناتهم الشخصية.
  2. الفصل بين رئاسة دائرة التفتيش القضائي والمكتب الفني، توخياً لجودة العمل، وتجنباً لحالات تضارب المصالح.
  3. إنشاء لجنة دائمة مستقلة عن دائرة التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى، تسمى لجنة التقييم القضائي تضم في عضويتها قضاة حاليون، وقضاة سابقون مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، ومحامون، وأكاديميون، وتتولى تقييم القضاة وأعضاء النيابة العامة، بناءً على معايير ومؤشرات محددة، وترفع توصيات دورية في هذا الشأن إلى مجلس القضاء الأعلى، الذي عليه أن يضع توصياتها موضع التنفيذ.
  4. إخضاع قضاة المحكمة العليا للتفتيش القضائي، واستثنائهم من التقييم القضائي. على أنه لا يشمل هذا الاستثناء ولاية لجنة التقييم القضائي المؤقتة.
  5. إخضاع أعضاء النيابة العامة للتفتيش القضائي.
  6. التركيز على جودة الأحكام والقرارات القضائية، بدلاً من التركيز على كمية إصدار الأحكام والقرارات القضائية، ويلزم لهذه الغاية، إمداد القضاء بالكادر البشري الكافي والكفؤ.

 

سادساً: أوضاع القضاة وأعضاء النيابة العامة (التنقلات وعدم الاستقرار، الدرجات، والأقدمية، الراتب)

لا يمكن الحديث عن استقلال القضاء، دون وجود قاض مستقل على الصعيد الشخصي، بحيث توفر له البيئة اللازمة لضمان استقلاله وتحصينه في مواجهة اي ضغوطات غير مشروعة تؤثر في قراره.

التوصيات:

  1. وقف العمل بما يسمى التشكيلة القضائية أو الحركة القضائية، نظراً لافتقادها للأساس القانوني السليم، ولأنها باتت سيفاً مسلطاً على القضاة، حيث تستخدم كعقوبة مبطنة، إضافة إلى إضرارها بانتظام العمل القضائي والتأثير على القرارات. كما تحمل التشكيلة القضائية في طياتها علامات عدم ثقة بحياد القاضي. وفي وقف العمل بهذا التقليد غير القانوني حماية لاستقلال القاضي. ويمكن عمل تنقلات بموافقة القاضي أو لضرورات العمل في حالات يتم النص عليها بشكل واضح ومحدد.
  2. تعديل النصوص التشريعية ذات العلاقة، على نحو يحظر نقل القاضي أو انتدابه لخارج الوظائف القضائية إلا بموافقته الخطية، تطبيقاً في ذلك لمبدأ استقلال القاضي.
  3. وضع معايير واضحة لكل ما يتعلق بابتعاث القضاة والمشاركات الخارجية والدورات ولجان العمل الداخلية، وفق آلية شفافة تعزز ثقة القضاة أنفسهم بإجراءات الحكومة الداخلية.
  4. وقف ربط نظام الدرجات بالأقدمية، وحصرها بنتائج التقييم القضائي. مع التأكيد على أهمية ربط الراتب بالأقدمية.
  5. فصل المسميات عن الدرجات القضائية.
  6. أن يكون فترة التجربة لكافة المواقع القضائية 3 سنوات. 
  7. ألا ينتقل القاضي من موقع قضائي إلى موقع آخر قبل جلوسه 3 سنوات في موقعه.
  8. زيادة عدد القضاة من خلال تعينات جدد، للتغلب على المشاكل المتعلقة بالعدالة الناجزة، والمشاكل المتعلقة بجودة الأحكام القضائية، حيث إن معظم القضاة باتوا يركزون على الكم في إصدار أحكامهم أكثر من تركيزهم على النوعية.
  9. رفع رواتب السادة القضاة في مختلف الدرجات القضائية على نحو يأخذ بعين الاعتبار غلاء المعيشة ورواتب القضاة في الدول المجاورة.
  10. تحديد آليات واضحة للتعيين في القضاء والنيابة العامة، تطبيقاً لمبادئ الشفافية، ولحق الأفراد في تقلد المناصب والوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص.
  11. خفض سن التقاعد إلى ستين عاماً، بغية ضخ دماء جديدة في السلك القضائي، وبخاصة في المحاكم الأعلى درجة، والمحكمة العليا.
  12. تفعيل الرقابة على دوام القضاة وتغيبهم وإجازاتهم السنوية ومناوبتهم.

 

سابعاً: الدعوى الإدارية

هناك انطباع عام بأن القضاء الإداري لا يوفر الانصاف الفعال للمواطنين في مواجهة الإدارية، وإن هناك قدر من التسييس خاصة بعد حصر القضاء الإداري في هيئة واحدة، خاصة أن نسبة رد الدعاوى المقدمة إلى المحكمة تجاوزت 85% من القضايا المرفوعة أمام المحكمة.  

  •  
  1. إصدار قانون للقضاء الإداري.
  2. إقرار مبدأ التقاضي على درجتين في القضاء الإداري، كما هو الحال في العديد من دولة المنطقة (الأردن، مصر)، تعزيزاً لجودة العمل القضائي، ولحقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية.
  3. اعتبار القضاء الإداري قضاءً كاملاً (إلغاء وتعويض) وليس قضاء إلغاء فقط.
  4. زيادة عدد هيئات محكمة العدل العليا، لضمان تحقيق العدالة الناجزة للمواطنين، وتخفيف العبء القضائي على قضاة المحكمة.
  5. وضع آلية أو نظام عشوائي لتوزيع القضايا بين هيئات المحكمة على نحو يضمن عدم المعرفة المسبقة بالهيئة التي ستنظر في الدعوى (سواء من قبل القاضي او الخصوم)، وعدم تغيير الهيئة أثناء النظر في الدعوى تحت أي ظرف من الظروف باستثناء الحالات المشروعة التي بينها القانون، تطبيقاً في ذلك لمبدأ استقلال القاضي، ومبدأ الشفافية، ولحق الأفراد باللجوء إلى قاضيهم الطبيعي.

 

 

ثامناً: الدعوى الجزائية والمدنية (طول أمد التقاضي)

من الإشكاليات الجوهرية التي يعاني منها الجهاز القضائي هو بطء سير الدعوى وطول أمد التقاضي، حيث وصلت مدة التقاضي في بعض القضايا أكثر من 10 سنوات، وهذه الإشكالية موجودة في الدعاوى الجزائية والمدنية بشكل أساسي. وقد أثر بطء سير الدعوى سلباً على حقوق المتقاضين، فكما يقال بأن تأخير العدالة هو إنكار للعدالة، كما أنها أثرت على ثقة المواطنين بالقضاء، ودفعت العديد منهم إلى اللجوء إلى الحلول العشائرية، التي في كثير من الأحيان لا تكون متوافقة مع القانون. كما أن هناك خلل في موضوع توزيع القضايا بين الهيئات المتعددة في داخل المحكمة الواحدة، الأمر الذي يفتح المجال لخلق انطباعات لدى المواطنين بوجود تلاعب في توزيع القضايا، كما أنه لا توجد معايير واضحة لدى المحكمة العليا في كيفية إعطاء أولولية لقضايا على حساب قضايا أخرى، فمثلاً بعض القضايا يتم النظر بها والفصل فيها بشكل سريع من قبل محكمة النقض بينما قضايا أخرى تنتظر لعدة سنوات.

التوصيات:

  1. وضع آلية عشوائية لتوزيع القضايا بين هيئات محكمة النقض على نحو يضمن عدم المعرفة المسبقة بالهيئة التي ستنظر في الدعوى، وعدم تغيرها تحت أي ظرف من الظروف (باستثناء الحالات التي حددها القانون)، تطبيقاً في ذلك لمبدأ استقلال القاضي، ومبدأ الشفافية، ولحق الأفراد باللجوء إلى قاضيهم الطبيعي. (تنطبق هذه الملاحظة على الدعاوى المدنية أيضاً).
  2. منح المحاكم بمختلف درجاتها سلطة التصدي والإحالة للنيابة العامة للجرائم التي تظهر أثناء نظر دعوى معينة (تختلف عن جرائم الجلسات).
  3. تجريم الامتناع أو تعطيل تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية، حفاظاً على هيبة القضاء، وتطبيقاً لمبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء.
  4. إلغاء قانون منع الجرائم الإرني رقم 7 لسنة 1954 بشكل فوري، وتجريم الاحتجاز التعسفي بكافة أشكاله.
  5. إعادة النظر في نطاق اختصاص القضاء العسكري والنيابة العامة العسكرية في الجرائم خارج الشأن العسكري والمحددة بموجب قانون العقوبات الثوري لسنة 1979، التي يرتكبها الموظفون العسكريون، مثل: الامتناع أو تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية، والتعذيب وسوء المعاملة، والحجز التعسفي. وإخراج المدنيين بشكل واضح وقطعي من اختصاص القضاء العسكري.
  6. تنقض قرارات محكاكم الاستئناف الشرعية والدينية والعسكرية لدى محكمة النقض (يستتبع ذلك إلغاء بعض التشكيلات القضائية في هذا النوع من المحاكم).
  7. تعديل المادة (2) من القرار بقانون رقم (18) لسنة 2014 بشأن تعديل قانون دعاوى الحكومة، المعدل للمادة (4) من القرار بقانون الأخير، على نحو يسمح باختصام الحكومة عن أعمالها و/أو أعمال موظفيها غير القانونية الموجبة للتعويض المدني.  
  8. تعديل قانون الإجراءات الجزائية بما يسمح للمواطن بطلب وجود محام له أمام الضابطة القضائية تحت طائلة بطلان الإجراءات.
  9. إسناد مهمة التبليغات القضائية إلى شركة خاصة، وإعادة تدوير المبلغين الحاليون في وظائف أخرى تناسب مؤهلهم وعملهم، كالأرشفة، أو العمل كمراسلين في المحاكم.
  10. تعديل القوانين ذات العلاقة على نحو يمنح القاضي صلاحية فرض غرامات على المحامين الذين يتعمدون التغيب عن الجلسات. وتأتي هذه التوصية للحد من المماطلة وإطالة أمد التقاضي (خاصة الجنايات).
  11. تحديد عدد الجلسات التي يمكن من خلالها للمدعي والمدعى عليهم تقديم بياناتهم ودفوعهم. وتأتي هذه التوصية للحد من المماطلة وإطالة أمد التقاضي.
  12. إنشاء صندوق في كل محكمة يكون تحت إدارة وإشراف رئيس المحكمة لتغطية نفقات الشهود.
  13. إقرار نظام أو آلية لسماع الشهود و/أو اعتماد شهادتهم عن بعد، وتأتي هذه التوصية للتغلب على الآثار التي يتركها اغتراب الشهود على سرعة الفصل في الدعاوى.
  14. إنشاء لجان للتوفيق والمصالحة (قاضي التسوية) و/أو تفعيل النصوص الحالية الناظمة للموضوع، مع إلزامية مرور أي دعوى حقوقية لا تكون الدولة طرفاً فيها إلى قاضي التسوية، والتخلي عن الصلاحية التقديرية لمجلس القضاء في انتداب قاض للتسوية. الأمر الذي يخفف العبء القضائي على السادة القضاة، مما يؤدي بدوره إلى العدالة الناجزة، ويسهم بشكل كبير في تحقيق الجودة الشاملة في الأحكام القضائية. أي إضافة قاعدة أمرة تلزم بعرض أي قضية على قاضي التسوية قبل ان تحدد لها جلسة.
  15. استحداث منصب المساعد القضائي الذي يتولى تجهيز ملف الدعوى قبل إحالته إلى القاضي للنظر فيه فنياً (بما في ذلك التبلغيات، وحضور الخصوم).
  16. إلغاء نصوص قانون التنفيذ التي تجيز حبس المدين عن دين مدني، لمخالفته للاتفاقيات والمعايير الدولية، وبخاصة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة التي انضمت إليه دولة فلسطين، مع إمكانية الحبس في حال عدم تنفيذ أحكام الرؤية للأبناء أو قضايا أخرى مشابهة.
  17. النص بشكل واضح على عدم جواز رفع الجلسة للتدقيق والقرار أكثر من مرة، حيث إن بعض القضاة لا يقومون بكتابة القرار في الوقت المناسب ويستمرون في تأجيل الجلسات الأمر الذي يؤخر الفصل في القضايا.
  18. ان تفتتح الجلسات بما لا يتجاوز التاسعة صباحاً. وبقاء قضاة مناوبين بترتيب يحدده رئيس المحكمة.

 

تاسعاً: معهد التدريب القضائي

نظرا للنمو السريع والتطور الكبير في حقول القانون المختلفة، يجب الاستثمار الملائم  في تدريب القضاة، وأن يتم الربط بين التخصص وموضوع التدريب وأن يتم ماسسة التدريب بشكل أكبر.

 

التوصيات:

  1. مراجعة التشريعات الناظمة لعمل المعهد القضائي على نحو يزيل حالة التعارض وعدم الانسجام الذي يعتري هذه التشريعات. فعلى سبيل المثال: ثمة اختلاف في تشكيلة مجلس إدارة المعهد الواردة في المرسوم الرئاسي رقم (6) لسنة 2008، وتشكيلته الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2008. وكذلك ينسحب على مسألة إسناد مهمة نائب الرئيس، فالمرسوم يحددها بانتخاب من قبل أعضاء المجلس، بينما يحددها القرار نصاً. (وهنا يفضل إلغاء المرسوم الرئاسي والإبقاء على قرار مجلس الوزراء).
  2. توسيع عضوية مجلس الإدارة، لتشمل أعضاءً من خارج الجسم الحكومي والقضائي، أساتذة قانون أكثر مما هو مقرر الآن (اثنين) وخبراء بمعايير محددة، على نحو يحقق مبدأ المشاركة والشفافية.
  3. تعديل المادة (19) من قانون السلطة القضائية، على نحو يمنح خريجي الدبلوم الذي يقدمه المعهد، الأولوية في التعيين المباشر كقضاة في محاكم الصلح أو كمعاوني نيابة عامة، حتى يكون المعهد قادراً على أداء رسالته، وفي حال كان العدد أكبر من حاجة القضاء، يتم عمل مسابقة. وحتى يتجنب خريجه -وهو الأمر الذي يجعله بعيداً عن تحقيق أهدافه الرئيسية إذا تم- مشكلة عدم التعيين بعد التخرج، وهي مشكلة حصلت مع عدد من خريجي الدفعة الأخيرة والوحيدة للمعهد. ويشترط لهذه الغاية، أن تكون شروط ومعايير الالتحاق في المعهد تنسجم مع شروط إشغال الوظيفة القضائية.

 

عاشراً: المحكمة الدستورية

  • إعادة النظر في تشكيل المحكمة الدستورية العليا بما يضمن تمثيل مناسب للمرأة والابتعاد عن التسييس.

 

حادي عشر: المكتب الفني

فصل وظيفة المكتب الفني عن التفتيش القضائي، وتوضيح وظائف المكتب الفني بحيث تشمل، ضمن أمور أخرى: استنباط المبادئ القضائية والقانونية، التحرير اللغوي لأحكام المحكمة العليا.

 

ثاني عشر: القضاء الشرعي

  • إلغاء المحكمة العليا الشرعية ونظامها تنفيذاً في ذلك لقرار المحكمة العليا بصفتها الدستورية في الدعوى رقم 4/2007 الصادر في 24/7/2008، لمخالفته للقانون الأساسي المعدل بشأن إنشاء المحاكم وتحديد درجاتها وإجراءاتها، بالإضافة إلى ذلك، وبهدف الحفاظ على وحدة المبادئ القانونية في البلاد، فإن العديد من التجارب الإقليمية والدولية تتجه إلى نقض قرارات محاكم الاستئناف الشرعية لدى محكمة النقض.
  • إلغاء النيابة العامة الشرعية تطبيقاً نظراً لافتقاده للأساس والمبرر القانوني السليم وفق ما قررت به المحكمة العليا بصفتها الدستورية.
  • التأكيد على أن من يشغل منصب قاضي القضاة؛ قاضي شرعي لا تقل درجته عن رئيس محكمة استئناف شرعية، وألا يشغل أي وظيفة أخرى في السلطة التنفيذية، تطبيقاً لمبدأ استقلال القاضي.
  • تعديل القوانين الآتية:
    • قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976 ساري المفعول في الضفة الغربية، وقانون حقوق العائلة العثماني ساري المفعول في قطاع غزة، بما ينسجم مع تطور العصر، والتزامات دولة فلسطين على الصعيد الدولي، مع التاكيد على أهمية أن تكون التعديلات من وحي الاجتهاد الحديث.
    • تعديل قانون أصول المحاكمات الشرعية الأردني رقم 31 لسنة 1959.
    • التزام المحاكم الشرعية بتطبيق قانون الطفل الفلسطيني.
  • إصدار التعاميم الآتية:
    • تحديد حد أدنى لنفقة الزوجة والأولاد تماشياً مع غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة اليومية، على أن تزيد هذه النفقة طردياً مع تحسن وضع الزوج المالي.
    • تحديد عدد جلسات محكمة دعاوى المشاهدة والاستضافة بثلاث جلسات فقط.

 

 

ثالث عشر: توحيد القضاء والنيابة العامة

لا يزال التحدي الاكبر الذي يواجه القضاء الفلسطيني هو استمرار انقسامه بسبب الانقسام السياسي بين الضفة الغربية ةقطاع غزة، ومعالجة هذا الموضوع يتطلب اتخاذ خطوات إصلاحية على مسارين.

  1. استمرار  حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة:

ينجم عن استمرار حالة الانقسام السياسي في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أزمة حقيقية في تنفيذ القرارات التي تصدر عن محاكم الضفة الغربية وقطاع غزة، مما ينجم عن ذلك مساساً في حقوق المواطنين، بسبب رفض الدوائر المختصة تنفيذ القرارات القضائية التي تصدر عن هذه المحاكم في الضفة الغربية وفي قطاع غزة على وجه سواء. استمرار الانقسام لأكثر من 12 سنة يتطلب اتخاذ خطوات عملية مؤقتة للتخفيف من معاناة الجمهور بسبب استمرار حالة الانقسام وفي هذا السياق نوصي بالتزام المحاكم والجهات الرسمية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة باحترام المراكز القانونية المكتسبة وتنفيذ أي قرار قضائي حقوقي يصدر عن المحاكم النظامية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

  1. في حال تحقق المصالحة الوطنية:
    1. تشكيل مجلس قضاء جديد موحد وفق قانون السلطة القضائية يضمن أن يكون 3 -4 أعضاء منه على الأقل من قطاع غزة.
    2. يعود جميع القضاة وأعضاء النيابة العامة المنقطعين عن أعمالهم في غزة منذ عام 2007 إلى العمل في المحاكم اليوم التالي لتعيين مجلس القضاء الاعلى.
    3. تتولى لجنة التقييم القضائي المؤقتة المشار إليها سابقاً خلال مدة اقصاها ستة أسابيع من تعيين مجلس القضاء الأعلى، بمراجعة جميع التعينات القضائية بما فيها أعضاء النيابة العامة التي تمت خلال فترة الانقسام في قطاع غزة، ويتم تعيين من تنطبق عليهم شروط التعيين الواردة في قانون السلطة القضائية في القضاء مباشرة على أن تحسب لهم سنوات عملهم السابقة قبل التعيين الجديد كسنوات عمل لغايات التقاعد، وتحال ملفات من لا تنطبق عليهم شروط التعيين إلى ديوان الموظفيين العام لاشغالهم في الوظائف التي تناسبهم، وإحالة من لا تنطبق عليه الشروط للتقاعد المبكر.
    4. بعد انتهاء لجنة التعينات يقوم مجلس القضاء الأعلى  بفتح باب التعيين لاشغال الوظائف القضائية الناقصة وفقاً لما نص عليه قانون السلطة القضائية.
    5. تشكل على الفور لجنة قانونية مهنية مستقلة من الضفة الغربية ومن قطاع غزة تتولى خلال مدة شهرين مهمة مراجعة جميع القوانين التي صدرت خلال فترة الانقسام تقدم توصيتها إلى الرئيس بشأن القوانين التي يتوجب للضرورة القصوى استمرار العمل بموجبها، ويعيد الرئيس اصدارها بموجب قرار بقانون على أن تقدم هذه القرارات بقانون الى المجلس التشريعي المنتخب فور مزاولته لأعماله.
    6. يتولى وزير العدل وفق قانون الإجراءات الجزائية ساري المفعول مهمة تلقي أي تظلمات تتعلق بأحكام جزائية صدرت خلال فترة الانقسام، وفي حال تبين له وللجنة القانونية التي سيعينها وجود مبررات توجب اعادة المحاكمة لعدم توفر ضمانات محاكمة عادلة او مخالفات قانونية، يصدر قراراً باعادة المحاكمة في هذه القضايا.

 

أحدث التقارير



الإثنين ١ - أبريل - ٢٠٢٤

تقرير الأحداث 2023