اخـــــــــبار


اخطاء القضاة الجسيمة قابلة للمخاصمة وقبول دعاويها

تاريخ النشر : الأربعاء ٣١ - يناير - ٢٠١٨


قبلت محكمة النقض في مدينة رام الله في خطوة غير مسبوقة في تاريخ القضاء الفلسطيني دعوى قضائية تقضي بقبول مخاصمة هيئة قضائية أخرى في محكمة النقض لوقوع قضاتها في خطأ مهني جسمي، وذلك للمرة  في مجمل الدعاوى التي كانت ترفع بهذا الخصوص، مما عزز ثقة المحامين بأن دعاوي مخاصمة القضاة ليس بالضرورة مصيرها الرد كما آلت اليه كافة  قرارات المخاصمة.

 هذا القرار وحيثياته كان محور حديث برنامج "المنتدى القضائي" بتاريخ 18/12/2017 الذي تنتجه الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال" بالشراكة مع اذاعة 24 اف ام، ويعده ويقدمه الإعلامي المختص في الشأن القضائي ماجد العاروري، وفيه تم استضافة كل من قاضي المحكمة العليا عزت الراميني والمحامي فضل  نجاجرة قاضي بداية سابق. والذي ينتج بدعم من برنامج سواسية المشترك بين برنامج الأمم المتحدة الانمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة واليونسيف (تعزيز وصول الشعب الفلسطيني للعدالة والأمن ٢٠١٤-٢٠١٨).

   وفي خصوص دعوى المخاصمة قال القاضي الراميني ان القاضي إنسان يؤثر ويتأثر بما حوله وفي حال مخالفته للقانون في تصرفاته الشخصية والإنسانية تطبق عليه القواعد العامة أما فيما يتعلق بعمله القضائي فالاساس ان لا يكون القاضي خاضعا للمسائلة القانونية نظرا لاستقلالية القضاء الذي يعطيه حصانة وحماية ذاتية .كما أضاف أن القاضي قد يقوم ببعض الأعمال المخالفة لطبيعة عمله كالغش والتدليس يعرضه للمسائلة بصورة استثنائية حسب قانون أصول المحاكمات المدنية.

 وأثناء الحديث عقب المحامي نجاجرة بأن الغش والتدليس قريبة إلى مفهوم الجرائم لكن لا ترتقي إلى الوصف الجرمي وهي مقارنة بسوء النية التي تؤثر على إجراءات المحاكمة.

وفي ذات السياق أوضح  الراميني ان سوء النية عنصر معنوي لا يمكن اثباته بسهولة كما  أن الخطأ الذي ترفع على أساسه دعوى المخاصمة خطأ مهني جسيم مرتبط بسوء النية وليس الخطأ البسيط الذي يمكن تداركه. وأضاف "هناك اختلافات فقهية ما بين الدول المقارنة حول مفهوم الخطأ الجسيم".

 وعقب نجاجرة على ذلك بأن هذه الدعوة تنحصر في قضاة المحكمة العليا أما قضاة الدرجة الأولى والثانية يتم تداركها من الجهة الأعلى وأكمل حديثه بأن ظروف الدعوة تعتبر قرينة دالة على سوء النية ويمكن كشفه من الظروف المحيطة بالدعوة.

وأكد الضيفان على ان عبئ إثبات سوء النية يقع على المدعى في دعوى المخاصمة وأضاف القاضي عزت بأنه هناك حالات محددة بالقانون بتوافرها ترفع الدعوى .

وأضاف  الراميني أن دعوى المخاصمة تمر بدرجات التقاضي فإذا رفعت الدعوة عل قاضي درجة اولى فإنها تستأنف أمام قاضي الدرجة الثانية حتى تصل لمحكمة النقض وأكد على ان دعاوى المخاصمة قليلة جدا ومحدودة وأن الخطأ الخطأ الذي يصدر عن القاضي للمحكمة سلطة تقديرية في بيان إذا ما كان الخطأ جسيم ام لا حسب الظروف المحيطة .

من جانبه قال نجاجرة ان المحكمة إذا لم تقرر وفق سلطتها التقديرية ان كان هناك خطأ جسيم   فإنها تكون قد ارتكبت خطأ جسيم، كمان ان الخصومة في هذه الدعوى لا تنعقد إلا إذا تم تقديم لائحة دعوى وفق الأصول واستيفائها للشروط كافة .

  وفي حديثه عن نظرة المحامين للقضاء بعد قبول قضية المخاصمة  قال  نجاجرة ان القضاة يحكمون بناء على الأفكار وما يكون أمامهم من قواعد قانونية وليس بالاعتبارات الشخصية.

وعقب عليه  الراميني بأن القاضي في حال أخطأ في تفسير القاعدة القانونية او تاويلها فإنه لا يعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الموجب لدعوة المخاصمة وأضاف أن الخطأ يجب ان يكون متعلقا بمخالفة قاعدة قانونية مكتوبة وليس مبني على اجتهادات وقياس،  وبخصوص عدم قبول بعض القضايا هو فوات المدة القانونية لرفعها .

 ومن آثار قبول دعوى المخاصمة إلغاء التصرف او الحكم بالتعويضات المذكورة وفق لائحة الدعوى حسب ما واضحه القاضي عزت في هذا السياق .

 وتجدر الإشارة هنا إلى أن هيئات محكمة النقض والبالغة أربع هيئات هي المسؤولة عن تنظيم أعمال القضاة كافة ومراقبتها وبالتالي محاسبة أي قاضي في حال رفعت دعوى مخاصمة ومسائلته دون اعتبار لأي زمالة وهذا دليلا على نزاهة القضاء. واضاف الراميني بانه اذا لم يتبين هناك خطا جسيم فان القاضي له الحق بطلب التعويض من المدعي وقد أحاط المشرع هذا الدعوى بمجموعة ضمانات تشترط قبل رفع الدعوى وهي تبليغ مجلس القضاء الأعلى ودفع مبلغ تاميني والمحدد بمائتي دينار كفيلا لجدية الدعوى حسب أقوال القاضي القانوني في هذا اللقاء.

وقال نجاجره ان الهدف من هذا الدعوى ليس استهداف القاضي بشخصه وإنما استهداف القرار المخاصم، وبذلك تعتبر نوع من الرقابة على قرارات المحكمة. وفي تبادل للحديث حول رفع الدعوى القاضي عزت قال انها ترفع إلى الجهة المختصة مباشرة وأن مجلس القضاء الأعلى قد رحب وتفاعل بصدور هذا القرار استنادا إلى أن حماية حقوق الناس مقدسة وإنصاف صاحب الحق.

 وفي الاساس وحسب القانون الدستوري جلسات المحاكمة وخصوصا جلسة النطق بالحكم علنية اما إجراءات دعوى المخاصمة فهي سرية احتراماً لهيبة القضاة وخصوصيتهم الا اذا كانت للمصلحة العامة تقضي العلنية هذا ما وضحه النجاجرة حول سرية وإعلان إجراءات القرار. وأضاف  الراميني ان القاضي يحق له توكيل محامي والتقدم بلائحة دعوى كأي قضية.

  وختم الراميني الحلقة أنه يجب ان تكون دراسة الملف بصورة جدية ومعمقة لتجنب الوقوع في الخطأ الذي يوصف بالجسيم حسب أخلاقيات مهنة المحاماة والواجب الإنساني. اما نجاجرة فقد قال أن هذا القرار ضامن لتحقيق شروط المخاصمة التي يجب توافرها في الدعوى وهذا يكفل عدم محاباة الهيئة لنفسها.

أحدث التقارير



الإثنين ١ - أبريل - ٢٠٢٤

تقرير الأحداث 2023